مقطع غنائي لاحتفالات العراقيين اليهود المبعثرين الآن في المدن الإسرائيلية, تظهر في الفلم فرقة غنائية من كبار السن بالزي البغدادي, وهم يؤدون المقامات .
والبستات العراقية بحزن عميق, وتعبير صادق, من دون أن يتلكئوا في نطق المفردات البغدادية, وكأنهم غادروا منطقة (قنبر علي) منذ سويعات .
يظهر في الفلم الموسيقار العراقي (صالح الكويتي), ومعه الفنانة (نجاة سالم), تبدأ بأغنية (الهجر مو عادة غريبة), و(أدير العين ما عندي حبايب), و(قلبك صخر جلمود), وتنتهي بأغنية (خدري الشاي خدري), بعضها من ألحان الموسيقار نفسه, كلمات سيف الدين ولائي, والبعض الآخر من التراث. . عاش اليهود في العراق منذ زمن بعيد, واضطروا لمغادرته .
مكرهين على اثر الإجراءات التعسفية, التي مارستها ضدهم الحكومات المتعاقبة, فتركوا وراءهم تجارتهم وبيوتهم ومصالحهم,لكنهم لم ينسلخوا من العراق, ولم يتنكروا لماضيهم, ولم ينسوا تعايشهم السلمي مع المسلمين والمسيحيين والطوائف الأخرى, أن مر بمحل لبيع الأقمشة, يديره رجل عجوز, تكلم معه صاحبي بالانجليزية على الرغم من ملامح العجوز الشرق أوسطية .
طلب منه تزويده بكتالوجات أقمشة الدشاديش العربية, فاختار منها ثلاث قطع فقط, واستعجلهم بتحضير قائمة الحساب, فسأله العجوز :
من أين أنت ؟, قال صديقي: أنا عراقي مغترب في الخليج, فسأله العجوز: من أي الأماكن في العراق ؟, قال صديقي: من البصرة, فسأله العجوز: ما اسم حضرتك ؟,
أجابه صديقي: فلان ابن فلان الفلاني, وهنا سقط القلم من يد العجوز, وصاح بلهجة عراقية فصيحة, معبرا عن دهشته: (أيباه . .
أشكد هاي الدنيا زغيرة), قال بعدها: أنا من بغداد, لكنني اعرف الحاج فلان الفلاني في البصرة, فقال له صديقي: هذا والدي,
وهنا توقف العجوز, وكاد يسقط مغشيا عليه من هول المفاجأة, فنهض من مكانه يتكأ على عصاه, وتوجه إلى صديقي, فأخذه بالأحضان,
يقبله ويضمه على الطريقة العراقية الحميمة, التي حملت دائما طابع الود والوئام والانسجام والتلاحم, كانت الدموع تترقرق في
عينيه الذابلتين, ثم أجهش بالبكاء, وقال بصوت عال: (هله بريحة الحبايب, هله بالغالين), ثم امسك بيد صديقي ودعاه إلى تناول
العشاء في بيته, فاعتذر منه صديقي, وقال له: أنه في طريقه إلى المطار للسفر حالا إلى جنيف, فخصم العجوز 30% من قيمة الأقمشة,
وطلب منه معاودة الزيارة كلما مر بلندن. لم يكن هؤلاء من ديننا, ولا من قبيلتنا, ولا من جيلنا, لكننا نرتبط بهم بروابط وطنية نقية وقوية ,
وتجمعنا بهم وشائج متينة, تلتقي جذورنا معهم بعروق هذه الأرض الطيبة, وتتشابك في أديمها المبارك, كتبنا معهم تاريخنا المشترك,
وأسسنا معهم أرقى الحضارات وأقدمها, وكنا معهم نصنع أروع مواقف الولاء والوفاء لبلد الرافدين .
اطيب ناس هم اليهود العراقيين
ردحذفعاشت ايدك موضوع شيق
ردحذف